recent
أخبار ساخنة

# «كُرات الذكريات» لنادين باخص: سيرة ذاتية نسوية تعيد تشكيل الذاكرة في زمن المنفى

الصفحة الرئيسية

 

# «كُرات الذكريات» لنادين باخص: سيرة ذاتية نسوية تعيد تشكيل الذاكرة في زمن المنفى

 

## **المقدمة: ميلاد نص جديد في أدب السيرة الذاتية المعاصر**

 

شهد المشهد الأدبي العربي مؤخراً إصداراً نوعياً جديداً يضاف إلى رصيد الأدب السوري المعاصر، وهو كتاب **«كُرات الذكريات»** للكاتبة السورية المتميزة **نادين باخص**. صدر العمل حديثاً عن **«منشورات رامينا»** في لندن، ليقدم للقارئ نصاً عميقاً يستند بالدرجة الأولى إلى الذاكرة كأرض خصبة ومنطلق أساسي للكتابة.

شهد المشهد الأدبي العربي مؤخراً إصداراً نوعياً جديداً يضاف إلى رصيد الأدب السوري المعاصر، وهو كتاب **«كُرات الذكريات»** للكاتبة السورية المتميزة **نادين باخص**. صدر العمل حديثاً عن **«منشورات رامينا»** في لندن، ليقدم للقارئ نصاً عميقاً يستند بالدرجة الأولى إلى الذاكرة كأرض خصبة ومنطلق أساسي للكتابة.
# «كُرات الذكريات» لنادين باخص: سيرة ذاتية نسوية تعيد تشكيل الذاكرة في زمن المنفى


# «كُرات الذكريات» لنادين باخص: سيرة ذاتية نسوية تعيد تشكيل الذاكرة في زمن المنفى

  • لقد نجحت نادين باخص في تقديم مساهمة ناضجة ومؤثرة في **أدب السيرة الذاتية الحديثة**
  •  مستخدمة صوتاً نسوياً واعياً تمام الوعي لتجربته المعقدة. هذا المقال سيتعمق في تحليل البنية السردية
  •  للكتاب، وتناول موضوعاته المركزية، وكيف يمثل هذا النص إضافة هامة للمكتبة العربية، خاصة في
  •  سياق **أدب المنفى والكتابة النسوية**.

في **«كُرات الذكريات»**، لا تكتفي باخص باستعراض الأحداث أو توثيقها زمنياً، بل تقدم تحويلاً فنياً جوهرياً للحظات الحياة ومفارقاتها الوجودية إلى "كرات صغيرة" من الوعي والشعور، تتدحرج في زوايا النفس. هذا العمل الذي يقع في 86 صفحة من القطع الوسط، والمزدان بلوحة غلاف بديعة للفنانة التشكيلية الكردية السورية جنكيمان عمر، ليس مجرد سيرة ذاتية، بل هو مساحة مفتوحة لمقاومة النسيان وإعادة صياغة الذات في مواجهة الاقتلاع والمنفى.


## **1. الذاكرة كمعمار للنص فلسفة "كُرات الذكريات"**

 

# «كُرات الذكريات» لنادين باخص: سيرة ذاتية نسوية تعيد تشكيل الذاكرة في زمن المنفى

يتبنى كتاب **«كُرات الذكريات»** هيكلية غير تقليدية في التعامل مع السيرة. فالذاكرة ليست هنا شريطاً زمنياً متصلاً، بل هي مجموعة من الكيانات المستقلة—تلك "الكرات"—التي تحمل كثافة عاطفية وتجربة وجودية مكثفة. هذه الكرات هي نقاط ارتكاز يعود إليها الوعي، بعضها خامد لسنوات، وبعضها الآخر ينبعث مباشرة من "جرح لم يلتئم بعد"، كما أشار الناشر.

 

  1. الكاتبة **نادين باخص** تستخدم هذه الاستعارة لتجاوز النمط التوثيقي الخارجي للأحداث. فبدلاً من
  2.  التركيز على ما حدث، يركز النص على **كيف شكل هذا الحدث الـذات**. إنها عملية تشريح
  3.  داخلي حيث تُصاغ الهوية ككيان متغيّر، يتأثر بالتحولات الكبرى والصغرى على حد سواء.

 

### **1.1. تجاوز التوثيق والبطولات**

 

من أبرز ما يميز هذا العمل هو إدراكه العميق بأن **التوثيق لا يتطلب بطولات**، وأن **الألم لا يحتاج تكلّفاً ليكون مقنعاً ومؤثراً**. هذه البساطة الصادقة هي قوة **«كُرات الذكريات»**في جذب القارئ. اللغة هنا تتجرد من الوسائط البلاغية المعقدة التي قد تفصل الكاتب عن القارئ، لتصبح الجملة حاملاً لـ "ارتجافة" ما، تعبيراً مباشراً عن الشعور المتراكم.

 

  • تعمل **نادين باخص** على تكثيف التجربة الإنسانية، حيث يقرأ الكتاب كما "يُصغى لاعتراف
  •  حقيقيّ"، ما يجعله عملاً يتميز بأقصى درجات الإخلاص للتجربة الذاتية، ويفتحه على قارئ لا يخشى
  •  مواجهة هشاشة الآخرين، وبالتالي هشاشة ذاته.

  

## **2. الجغرافيا والتحولات الوجودية  ثلاث محطات في حياة نادين باخص**

 

يعد **«كُرات الذكريات»** أقرب إلى حوار داخلي ممتد تتداخل فيه اليوميات العادية مع الانعطافات المصيرية والتحولات الوجودية الكبرى. هذا الحوار الداخلي يتنقل بين أمكنة متباعدة جغرافياً لكنها متجاورة ومترابطة بعمق الأثر النفسي والوجداني على الكاتبة. هذه الأمكنة تمثل نقاط تحوّل محورية في تشكيل الذاكرة:

 

1.  **حمص (سوريا):** أرض البدايات والذاكرة الأصلية، التي تمثل الانتماء الجذري قبل سنوات الحرب والنزوح.

2.  **أبو ظبي (الإمارات العربية المتحدة):** محطة المنفى الأول، والعبور بين الجذور والمستقبل المجهول.

3.  **مونتريال (كندا):** المنفى النهائي ومكان إعادة بناء الذات والهوية في الغربة القاسية.

 

في هذه المساحات الجغرافية المختلفة، تتعمق الكاتبة في استحضار العابر والهامشي، وتتأمل في التفاصيل التي يغفل عنها السرد التقليدي. المنفى هنا ليس مجرد موقع جغرافي، بل هو **اختبار دائم للذاكرة، واللغة، والإحساس بالانتماء**. يجسد النص هذا الاقتلاع من خلال طبقات متراكبة من الشعور تتناول الهشاشة والقوة، الأمومة والمنفى، مما يجعل الجسد نفسه يتحول إلى أرشيف حي يحمل قصص المكان والزمان.

 

 

## **3. الصوت النسوي في أدب المنفى الكتابة كخيط نجاة**

 

يولي الناقد الأدبي اهتماماً خاصاً في **«كُرات الذكريات»** للطبيعة النسوية الواعية للنص. تتفرد **نادين باخص** في معالجتها للموضوعات الشائكة بأسلوب يتسم بالبطء التأملي، حيث لا تسعى إلى تجميل التجربة أو تضخيمها، بل تقدمها بخامتها الأصلية.

 

### **3.1. الأمومة والجسد كأرشيف**

 

تتداخل موضوعات الأمومة وتجربة الجسد في المنفى لتشكل محاور أساسية. فالجسد، كما يراه النص، ليس مجرد وعاء، بل هو أرشيف يحفظ صدى الأمكنة والأحداث، كما يحفظ آثار الانتماءات المفقودة والمكتسبة. هذا التركيز على الجسد كتاريخ هو سمة مميزة للكتابة النسوية المعاصرة، حيث يُستخدم الجسد كأداة للتعبير عن الواقع السياسي والاجتماعي.

 

### **3.2. الكتابة في عزلة الليل**

 

يوصف أسلوب الكتابة بأنه يشبه تسرب الدموع "في عزلة الليل، من دون نداء، ومن دون استغاثة". هذه الصورة تعكس جوهر عملية الكتابة عند **نادين باخص**: فعل تذكر مقاوم للنسيان، يتم بعيداً عن ضجيج الظاهر، ويستمد قوته من الصدق الداخلي. الكتابة هنا ليست بحثاً عن الشهرة أو التعاطف، بل هي آلية بقاء، **خيط نجاة** يربط الكاتبة بذاكرتها وبوجودها.

  

## **4. نادين باخص مسيرة إبداعية متكاملة**

 

لا يُعد كتاب **«كُرات الذكريات»** التجربة الوحيدة لـ **نادين باخص** في عالم الإبداع، بل هو حلقة في مسيرة أدبية متنوعة وغنية. تخصصت الكاتبة في مجالات عدة، مما يمنحها عمقاً ورؤية شاملة في مقاربة مواضيعها.

 

**تشمل مسيرتها الإبداعية ما يلي:**

 

1.  **الرواية:** سبق لها إصدار رواية بعنوان **«وانتهت بنقطة»**.

2.  **الشعر:** لديها ثلاث مجموعات شعرية، مما يدل على تمكنها من اللغة الشعرية وتكثيف المعنى.

3.  **الدراسات النقدية:** ألفت دراسة نقدية بعنوان **«الدوائر المتحدة المركز»**، ما يؤكد امتلاكها لأدوات التحليل والبناء الفكري.

4.  **أدب الطفل:** تخصصت في الكتابة للطفل منذ عام 2013، وفي نهاية عام 2024، قامت بتأسيس دار **«البومة للنشر والتوزيع»** المتخصصة بكتب الأطفال، مما يبرز اهتمامها ببناء وعي الأجيال الجديدة.

 

هذا التنوع في النتاج الأدبي والفكري يعكس كاتبة ذات ثقافة واسعة، قادرة على الانتقال بسلاسة بين أشكال التعبير المختلفة، من الشعر المكثف إلى السرد الطويل والسيرة الذاتية التأملية.

  

## **5. الخلاصة والختام: لماذا يجب قراءة «كُرات الذكريات»؟**

 

في الختام، يمثل كتاب **«كُرات الذكريات»** لـ **نادين باخص** إضافة أدبية لا غنى عنها لمن يهتم بـ **أدب السيرة الذاتية السوري** وأدب المنفى بشكل عام. إنه عمل يتسم بالعمق الفلسفي والصدق العاطفي، ويقدم رؤية مختلفة ومقاومة للذات في عالم دائم التغير.

 

  • الكتاب دعوة للتأمل في قوة الذاكرة وقدرتها على إعادة تشكيل الذات رغم محاولات النسيان والاقتلاع.
  •  بأسلوبها الهادئ والناضج، تمكنت نادين باخص من تحويل تجربتها الشخصية—بكل ما فيها من
  •  مرارة الغربة ودفء الأمومة—إلى لوحة فنية إنسانية مفتوحة، تجعل القارئ لا يرى فقط تجربة
  •  **كاتبة سورية في المنفى**، بل يرى انعكاساً لذاته في تلك الهشاشة والقوة المتداخلة.

 

إن كان البحث عن **نصوص أدبية سورية مؤثرة** أو **سيرة ذاتية نسوية حديثة** هو ما يشغل القارئ، فإن «كُرات الذكريات» يوفر إجابة شافية، مؤكداً أن الكتابة، في أصدق صورها، هي عملية شفاء ومقاومة لا تتوقف.

# «كُرات الذكريات» لنادين باخص: سيرة ذاتية نسوية تعيد تشكيل الذاكرة في زمن المنفى



author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات

    google-playkhamsatmostaqltradent